صحراء نيوز - د. بسام روبين
سيكتب التاريخ الأمريكي يوماً حزيناً سجل اساءة واهانة لعظمة القوة والديموقراطية الأمريكية معاً ،وقد بدأ بعض الكتاب والمحللون الاشارة بمسؤولية اقتحام الكونغرس نحو الديمقراطية رئيسة مجلس النواب ولرئيس الاغلبية الجمهورية في مجلس الشيوخ ،واعتقد ان هذا الاتهام غير منصف وفيه مبالغة ،الا في حالة واحدة اذا كان قد طلب من هذين السياسيين اذنا بدخول قوات اسناد ولم يتجاوبا مع هذا الطلب.
وهنالك مستويان مختلفان من المسؤولية الحقيقية الأول يقع على الأشخاص الذين قاموا بالدعوة لهذه المظاهرات ،وتقديم اشكال الدعم لها وتحريض المتظاهرين على فعلتهم ،أما المستوى الثاني والأهم فيقع على قائد حرس الكونغرس الذي كان من المفترض به كرجل أمن أن يلتقط جميع سيناريوهات الخطر المتوقع بمجرد الإعلان عن تظاهرات الاربعاء ،فأي شخص أمني يمتلك القدرة على التوقع والتنبؤ ،ووضع الخطط المبكرة التي تكفل تأمين وتعزيز الهدف الذي وجد من أجله قائد الحرس ،لذلك هو يتحمل المسؤولية المباشرة مع من يرتبط أمنياً معهم من القادة الأمنيين ،حيث كان من المفترض على هذه السلسلة المتتابعة من القادة الأمنيين تقدير حجم الخطر الممكن حدوثه مع حجم القوة المتوفرة لحماية الكونغرس ، واتخاذ الإجراءات الضرورية اللازمة كتعزيز القوة، وعمل اكثر من دائرة مغلقة معززة بنقاط غلق مرنة حول الكونغرس تكفل عدم قدرة المتظاهرين مهما كان حجمهم من الوصول الى قبة الكونغرس.
اما الشخصيات السياسية في الكونغرس فهي معذورة لأنها لا تمتلك خبرات أمنية قادرة على تقدير الموقف الامني ،فهي جهات تطلب الحماية لمرة واحدة وتعهد بها إلى قائد الحرس الذي يرتبط بها ادارياً ،وتقع مسؤولية التأمين من المخاطر المختلفة على عاتق الأجهزة الأمنية القادرة على التقاط ورصد الاخطار ،وهذا يؤكد على ان هنالك تراخي في الإجراءات الأمنية اللازمة ربما كنوع من التقصير أو خوفا من إغضاب الرئيس المهزوم في الانتخابات ،وهذا يشكل درسا لباقي الأجهزة الأمنية الدولية المكلّفة بحراسة المواقع والمنشآت الهامة ،وخصوصا عند الإعلان عن تظاهرات أو اعتصامات ،فقد تنقلب الأمور بين لحظة واخرى عندما تتزايد اعداد الجماهير ،والتي تصبح رهينة بما يعلو به صوت قادة هذه التجمعات.
لذلك من المفيد أن تكون الإجراءات الاحترازية في أعلى مستوياتها من الدقة ،وربما تشهد الأيام القليلة الباقية من ولاية الرئيس المنتهية ولايته ،مزيداً من الاحداث المقلقة ربما للأمن الأمريكي والأمن العالمي ،لذلك ينبغي اعلان حالة الطوارئ القصوى خلال الأسبوعين القادمين ،وتوقع أسوأ السيناريوهات المحتملة من رئيس ما زال لا يقبل بنتائج الانتخابات ويصرّ على بقائه في البيت الأبيض.
عميد اردني متقاعد