عندما تقف لتفكر مليا في واقع الادارة واماكن العمل ،ترى كيف يستفيد مجموعة من الناس الذين يجتمعون على نسب قبلي واحد او عشائر متفرقة تجمعهم مسميات القبيلة، اذا طبعا تعلق الامر بقسمة المناصب والكيانات الادارية.
في السابق كان المثقف الواعي بلغة لوكاش يدافع عن اخلاق المنصب وشرط الاهلية والتكوين. لكن الان الامور تغيرت ،فالاستحقاق في زمن إقتصاد الريع انتهى تماما ولم يعد التفوق المعرفي والقدرات التكوينية شرطا من شروط الولوج للمناصب. أذكر هنا ما يحدث في مجموعة من الكيانات الادارية والتكوينية ،إذ المناصب توزع على اسس لا عقلية. بل والمحاباة هي العنوان الابرز.
حان الوقت لاشاعة العقل في المناصب واعطاء الاولوية لذوي الكفاءات. وحتى الكفاءات اصيبت بخلل ما.
لنذكر مثلا ان شهادة تؤخذ عن بعد وبعنوان لا يمت للبحث العلمي باية صلة وقد يحصل عليها " الطالب الاداري " عن بعد. ليضعها رهن إشارة " أسياده " للترقية في مناصب " عليا".
شهادات من بلاد بلحة وأخرى من الدول السوفياتية سابقا وأخرى من الجامعات الوطنية. شهادات غارقة في وحل الفساد المعرفي يتم التنافس بها لمنع اصحاب الاستحقاق من الولوج للمناصب المتباري عليها.
الاصلاح الحقيقي يعني القطيعة مع السلوك الريعي في المناصب بل والاكثر من ذلك إن خطر المشروع القبلي الذي ينتهز الفرص لخلق مناصب على المقاسات القبلية لن يخدم المصالح العليا للمجتمع الذي سيظل منهمكا في الصراع والتنافس وتضيع الحقوق مما يترتب على ذلك من انهيار اللحمة الاجتماعية وتفشي الانتهازية والفردانية بوجهها المتخلف الذي يعني العزلة السلبية.