الصحراء نيوز - عن بوابة فوسبوكراع
رغم التضارب والتشكيك فأهل الصحراء لا يتجاوزون 540.000 نسمة، هذه حقيقة.
وحقيقة أخرى أن احتياط فوسفاط الصحراء يقدر ب166 سنة (بمعدل 3 ملايين طن في السنة).
سنة 2011، بادرت مؤسسة أمريكية بطلب من OCP بصياغة تقرير يؤكد جودة فوسفاط الصحراء ويتضمن مغالطات حول استفادة المنطقة وأهلها وتسييرهم الكلي لكل مفاصيل المؤسسة. لمشاهدة النسخة الأصلية من التقرير(PotashCorp-2011).
سنة 2012، ولِصدِّ بعد الجمعيات التي تُعنى بالثروات، تمّت صياغة تقرير يتضمن العديد من الأكاذيب حول وضعية المؤسسة وعمالها وفاعليتها في تنمية المنطقة، أنقر هنا لمشاهدة التقرير الأصلي(PotashCorp-2012).
الكلام عن تدني مركز فوسفاط الصحراء هو حديث ذو شجون، لأنه لا يمكننا للأسف من معرفة الحدود الفاصلة بين الحقيقة والوهم في تفاصيل مآسي تتكرر بشكل متسلسل وكأنها حلقات من مسلسل رُعب لا ندرك إلى الآن مُخرجه الحقيقي الذي يتخفى خلف تفسيرات وتبريرات ألِفناها منذ عقود.
لفوسبوكراع المركز موعدٌ لا يُخطِئه مع الإقصاء والحرمان. هذه الأوضاع المؤلمة التي تتحرك خيوط لُعبِها من وراء سِتار سياسي مُظلم. العمال والكوادر وبعض المهندسين أنفسهم لم يفهموا أي شيء في هذا التجاذب المفروض عليها قسرا وكأنها تؤدي ضريبة قاسية.
في كل دول العالم هناك تحديد للمسؤوليات وهناك محاسبة إلا في الصحراء، هناك دائما سياسة إسمها العَبث، وهي في حد ذاتها فلسفة لمن يُدرك أبعاد العبث حين يختلط بتلاوين السياسة. وعندنا العبث يتكرر منذ 1977، لمصلحة من تكرر؟ ولماذا؟ هذا ما لا تجيب عنه تصريحات اللجان والوفود الوزارية المتعاقبة. سياسة الإدارة في تدبيرها لمِلفات التنمية بالصحراء متوقفة لدرجة أن OCP لم يُشيِّد وعلى مدار 38 سنة لا مصحة(clinique)، ولا مركز للتكوين كما تدعي كذبا الوثيقة الرسمية. لا مجمعات سكنية للعمال ولا منتجعات كباقي المراكز الشمالية. وبوْصلت OCP التي تحاول إتباعها في حل الأزمات تحيلنا على تفاصيل كثيرة نستعين أحيانا فيها بعدم القدرة على الفهم، وعمليا هي تقول للصحراء أنها ليست مغربية وتعتبر عبئاً ثقيلا يتحمله المجمع الشريف. مرور أكثر من 38 سنة من الإنتظار كانت كافية لأهل الصحراء لفهم سياسة الدولة في الصحراء وللتقييم الموضوعي والمبني على وقائع ومعطيات واقعية والبعيدة كل البعد عن الإتهامات والمغالطات غير الصائبة. وفي هذا الصدد وجّه رسالة واضحة وغير مرموزة، وبعض التساؤلات:
- أي تنمية بالصحراء بوجود هذا المخزون الهائل؟
- لماذا توجد بفوسبوكراع 82 شركة للمناولة(2011-2012) تستنزف واردات الفوسفاط مقابل لا شيئ؟
- لماذا كان مجمع OCP يدفع للمستعمر السابق إسبانيا 35% من الأرباح؟
- 35% من ماذا؟ إذا كانت فوسبوكراع لا تحقق أرباحا.
- من يستفيد من هذا الوضع؟ ومن يرى مصلحته في هذا التدبير؟
إنها السياسة، والوسيلة الناجعة لنهب المؤسسة عن طريق مشاريع لا تنتهي ولا تحقق شيئا. الأرقام صادمة ومُؤلمة، وفحواها الظاهر للعِيان أن سكان الصحراء أغنياء ويتمتعون بكل الإمتيازات والإعفاءات الضريبية وأن الدولة المغربية كانت سخية معهم، تنزع اللّقمة من أفواه مواطنيها لتعطيها لهم، هكذا تقول الأرقام الرسمية.
سياسيا، لا أحد إلى الآن، يملك الجرأة للقيام بدراسة مُعمّقة ولا بالتنديد، ولجان التفتيش المركزية والبرلمانية تقف عند حدود الصحراء. سنة 2010 خرج عموم سكان العيون في مخيم "كديم إزيك" يُنددون بهذه السياسة وتم قمعهم وحرق المخيم ونعتهم بالأعداء. في فبراير 2012 دشن النقابي أميدان اعتصاما مفتوحا داخل إدارة فوسبوكراع منددا بهذه السياية الإقصائية للمنطقة، وتم تعنيفه وتصنيفه بالإنفصالي ومتابعته قضائيا. اليوم يأتي شكيب بن موسى بوثيقة رسمية "الورقة التأطيرية" كنموذج جديد للتنمية بالمنطقة، وتعترف بطريقة مُحتشمة أن الدولة فشِلت سياسيا وتنمويا في الصحراء.
سنقدم في ما بعد تقييما اقتصاديا واجتماعيا حول 38 سنة من إدارة المجمع لهذه المؤسسة، وسنضع أيدينا في عُش الأفاعي والعقارب، ابتداءا من المدير العماري-1977 إلى المدير الحالي، وسنخوض في سياسة الريع بفوسبوكراع، التي كانت، على ما يقرب من أربعة عقود، موضوعا مسكوتا عنه. المسئولون المحليون يحوِّلون من خزينة المؤسسة المليارات كل سنة في شكل مشاريع صغيرة للترميم والسباغة والنظافة والحراسة وغيرها.
الغريب أنه لا أحد يسأل إلى أين تذهب وكيف تُصرف كل هذه الملايين المُمَلينة؟ وما هي نتائجها على الشغيلة والمنطقة؟
هذه فقط بعض الأسئلة التي تُراوِد كل متتبع وغيور على قطاع الفوسفاط بالعيون، وهو يتابع طريقة عمل المسؤولين، التي لم نعد نستطيع أن نقول أنها تطْغى عليها الإرتجالية وانعدام الخبرة والجهل بالأمور، لأننا نرى المشاريع التنموية بمراكز الجديدة وخريبكة وآسفي وبنكرير، ونقارنه مع ما تنتظره الشغيلة منهم في تنزيل برنامجها وما ينتظره سكان الصحراء من قيمة مضافة.
أرقام مخيفة ومفزعة توصلنا إليها، بين المنتوج المصدر إلى الخارج وبين التنمية المحلية، تُظهر إلى أي حد مدى التهميش والنهب، وعدد الأموال التي تُدفع لشركات ومقاولين يحققون نتيجة تكاد تكون صفرا على الشمال.
ضاعت مليارات من الدراهم في جيوب المسئولين، وتحت ضغط المقاربة الأمنية وبسبب أطماع المسئولين أصحاب المصالح الكبيرة، يُمنع النقابيون من الإحتجاج والتنديد بهذه الأوضاع. سنكشف عجائبها وغرائبها عندما نفتح صندوق المليارات التي سُجلت على تنمية لم يرها أحد وبدون عائد تقريبا. إنه الوجه الآخر لفشل السياسات المتبعة من قبل المجمع الشريف في تدبير ملف فوسفاط الصحراء، وفشل المدير المحسوب على المنطقة الذي لم يكن في المستوى المطلوب، والذي تحول إلى جرح نازف سياسيا واجتماعيا وتنمويا.