صحراء نيوز - بقلم : د. محمد عالي الحيسن " معتقل سياسي سابق"
تقديــــــــم
منذ بداية التسعينيات تبنى المغرب سياسة حقوقية نوعية في إطار مسلسل الانتقال الديمقراطي ودلك من خلال العمل على توسيع هامش الحريات العامة وإطلاق صراح المعتقلين السياسيين وسجناء الرأي والتنصيص على حرية الصحافة مع انطلاقة غير مسبوقة في مجال حقوق الإنسان؛ وهي سياسة تسعى عموما إلى ترسيخ دولة الحق و القانون على غرار العديد من الدول الأخرى.
و في هذا السياق برزت العديد من المفاهيم الجديدة للتداول داخل الحقل السياسي الوطني من قبيل المفهوم الجديد للسلطة، وسياسة القرب، و المصالحة الوطنية وجبر الضرر الفردي و الجماعي الخ. و بموازاة ذلك عرف النسق السوسيو سياسي والقانوني ظهور العديد من المؤسسات الرامية أساسا إلى خلق الشروط الإجرائية للسياسة الحقوقية الجديدة بهدف الرفع من مستوى النقاش العمومي الحقوقي بالمغرب أهمها المجلس الوطني لحقوق الإنسان ومؤسسة الوسيط والمندوبية الوزارية لحقوق الإنسان ثم هيئة الإنصاف والمصالحة ، هذه الأخيرة التي ستشكل الإطار الحقوقي للتخلص من مخلفات سنوات الجمر و الرصاص التي اتسمت بانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان و طي صفحة الماضي الأليم من جهة، و الإجابة على الأسئلة الحقوقية لهذه المرحلة من جهة ثانية.
و قد شكلت هذه المؤسسات الوطنية رؤية جديدة و فكرة تنطلق من جدية المرحلة و جسامة الإشكالية المطروحة و تؤرخ لانطلاقة مغربية حديثة و دخول الدولة عالميا نادي الديمقراطية و حقوق الإنسان. و يندرج إحداث هذه المؤسسات في إطار تفعيل الإصلاح المؤسسي الشامل، الذي يهدف في صلبه تمكين المغرب من منظومة حقوقية وطنية متناسقة حديثة وناجعة، لصيانة كرامة المواطن وحماية حقوقه والنهوض بها ; وذلك في انسجام مع المعايير الدولية في هذا الشأن، حسب ما أورده بلاغ للديوان الملكي على إثر إحداث هذه المؤسسات التي تعتبر استمرارا لمؤسسات سابقة لها كانت تعمل على دعم الديمقراطية و تعزيز حقوق الإنسان من قبيل وزارة حقوق الإنسان و المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان و ديوان المظالم و المحاكم الإدارية. لكن هناك فرضيات لا بد من الخوض فيها بعد التطرق إلى هذه المؤسسات و القوانين المنظمة لها، لإبراز قدرة هذه المؤسسات أم ضعفها للنهوض بثقافة حقوق الإنسان بالمغرب.
إشكالية الأطروحة
إلى أي حد ساهمت هذه الهيات الحقوقية المستقلة خاصة هيئة الإنصاف والمصالحة في التأسيس لمقاربة حقوقية جديدة بالمغرب؟
ألا يشكل تعدد الهيات الحقوقية ببلادنا مجالا لتضارب مصالح ورهانات الفاعلين؟
ثم ما هي القيمة المضافة لهيئة الإنصاف والمصالحة و ما هي الإكراهات التي واجهت تدخلاتها وحصيلتها خاصة في الصحراء باعتبارها إحدى أهم المناطق التي تضررت من غياب سياسة حقوقية ؟
توصيات هيئة الإنصاف و المصالحة باعتبارها مجهودا وطنيا و نتاج فكر جماعي و تشاركي يتوخى تصحيح ماضي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان على أكثر من صعيد و جسرا ييسر الانتقال من مرحلة استبدت فيها السلطة و مارس خلالها مسؤولون شططا في استعمال السلطة تجاوز حدود المعقول إلى مرحلة الديمقراطية و تعزيز حقوق الإنسان و يعيد تقوية الشعور بالمواطنة و معالجة الملفات العالقة التي عجزت عن حلها هيأة التحكيم المستقلة بل أحيانا تسببت في خلقها كما هو الشأن بالنسبة للتعويض المادي و المعنوي و الحيف الصارخ الذي طال الضحايا الصحراويين لتبقى الأسئلة عالقة تقتضي البحث المعمق لتوضيح الرؤى و البلوغ إلى إجابات شافية
- كيف يمكن الحديث عن إغلاق ملف متابعة توصيات هيئة الإنصاف و المصالحة المتعلقة بجبر الأضرار الفردية و الحيف لا زال يطال ملفات التعويض فيما يخص الضحايا الصحراويين ؟
- لماذا أخفقت هيئة الإنصاف و المصالحة فيما لم تستطع هيئة التحكيم المستقلة انجازه ؟
- ما هي أشكال متابعة برنامج جبر الضرر الجماعي باعتباره تمييزا ايجابيا منح للمناطق المتضررة سابقا من جراء الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان و عرفت إقصاء تنمويا سنوات الجمر و الرصاص ؟
- كيف يمكن الحفاظ على روح البرنامج فيما يخص محاور دعم قدرات الفاعلين من مجتمع مدني و فاعلين آخرين و الحفظ الايجابي للذاكرة و تأهيل المناطق المتضررة سابقا و التي تشكل هدفا للبرنامج؟
- كيف يمكن الحفاظ على الذاكرة الجماعية في الوقت الذي لم يتم فيه تأهيل مراكز الاختفاء و الاعتقال سابقا إلى فضاءات سوسيو - ثقافية لتحقيق المصالحة مع الذات و مع الدولة ؟
- لماذا أقصيت الصحراء من جلسات الاستماع ؟
- ما هي الآليات المعتمدة لإشراك الفاعلين الآخرين في النهوض بحقوق الإنسان ؟
المداخل الأساسية للأطروحة
تندرج هذه الإشكالية التي تطرحها اليوم تجربة هيئة الإنصاف والمصالحة وإشكالية جبر الضرر الجماعي بمنطقة الصحراء نموذجا في سياق مفهوم العدالة الانتقالية كمرجعية لحقوق الإنسان بالمغرب باعتبارها فلسفة ومنهجية جديدة في مجال تدبير السياسة الحقوقية، هدفها معالجة ماضي الانتهاكات الجسيمة، ومساعدة الشعوب على الانتقال بشكل مباشر وسلمي وغير عنيف إلى مناخ من الديمقراطية. لذلك لابد من الوقوف عند العديد من الإشكاليات الفرعية تطرحها تجربة هيئة الإنصاف والمصالحة بالمغرب كمدخل لتأسيس ثقافة العدالة الانتقالية أهمها
المدخل الأول:
- · هيئة الإنصاف والمصالحة على ضوء ثقافة العدالة الانتقالية وفي هذا السياق لابد من الانطلاق من كون مفهوم العدالة الانتقالية لا يزال من المفاهيم الغامضة والحديثة [1]بالنسبة للكثيرين من المهتمين، لاسيما فيما يتعلق بالمقطع الثاني من المصطلح؛ أي "الانتقالية" إذ يثور التساؤل هل توجد عدالة انتقالية؟ وما الفرق بينها وبين العدالة التقليدية؟
وهنا لابد من توضيح أن العدالة الانتقالية تختلف عن العدالة التقليدية في كونها تُعنى بالفترات الانتقالية مثل: الانتقال من حالة نزاع داخلي مسلح إلى حالة السلم، أو الانتقال من حكم سياسي تسلطي إلى حكم الديمقراطي، أو التحرر من احتلال أجنبي باستعادة أو تأسيس حكم محلي، وكل هذه المراحل تواكبها بعض الإجراءات الإصلاحية الضرورية سعيا لجبر الأضرار لضحايا الانتهاكات الخطيرة.
أما في إطار القانون الدولي فيتمثل جانب من الأساس القانوني للعدالة الانتقالية في القرار الذي أصدرته محكمة الدول الأمريكية في قضية فيلاسكويز رودريغز ضد هندوراس عام 1988، والذي خلصت فيه المحكمة إلى أن جميع الدول تقع على عاتقها أربعة التزامات أساسية في مجال حقوق الإنسان، وهي:
1 = اتخاذ خطوات معقولة لمنع انتهاكات حقوق الإنسان؛
2 = إجراء تحقيقات جادة بشأن الانتهاكات عند وقوعها
3 = فرض عقوبات ملائمة على المسؤولين عن الانتهاكات؛
4 = ضمان تقديم تعويض لضحايا الانتهاكات
وقد أكدت المحكمة هذه المبادئ صراحة في قراراتها اللاحقة، كما تم التأكيد عليها في قرارات المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، وهيئات الأمم المتحدة المنشأة بموجب معاهدات، من قبيل اللجنة المعنية بحقوق الإنسان. و كان إنشاء المحكمة الجنائية الدولية عام 1993. من التطورات المهمة في هذا الصدد أيضاً، إذ يكرس النظام الأساسي لهذه المحكمة التزامات بالغة الأهمية تقع على عاتق الدول، مما يستوجب منها القضاء على ظاهرة إفلات الجناة من العقاب، وترسيخ احترام حقوق الضحايا.
فالعدالة الانتقالية تسعى إذن إلى بلوغ العدالة الشاملة أثناء فترات الانتقال السياسي للمجتمعات والشعوب (مثل الانتقال من الحرب إلي السلم/ أومن الشمولية إلي الديمقراطية) وتهدف إلي التعامل مع ميراث انتهاكات حقوق الإنسان بطرق ومناهج واسعة وشاملة تتضمن
1 = العدالة الجنائية
2 = عدالة إصلاح الضرر
3 = العدالة الاجتماعية
4 = العدالة الاقتصادية
من خلال مقاربة قضائية مسؤولة تتضمن تدابير تتوخى هدفا مزدوجا:
أولا = المحاسبة على جرائم الماضي
ثانيا = الوقاية من الجرائم الجديدة . مع الأخذ في الحسبان الصفة الجماعية لبعض أشكال الانتهاكات.
مما سيساهم بشكل مباشر في تحقيق العديد من المرتكزات الأساسية لكل سياسة حقوقية أهمها:
1= تقوية الديمقراطية من خلال الجهود المستمرة و التوافقية لمواجهة الماضي لإرساء المحاسبة
( مثل مكافحة الإفلات من العقاب) و بناء ثقافة ديمقراطية.
2 = الواجب الأخلاقي في مواجهة الماضي من خلال التذكر لقبول الضحايا و الاعتراف بهم كضحايا لأن نسيانهم يعتبر شكلا من إعادة الإحساس بالظلم و الاهانة.
3 = من المستحيل (عدم) تجاهل الماضي: من الأفضل إظهاره بطريقة بناءة و شافية لتجنب ثورات الذاكرة.
4 = لنمنع ذلك في المستقبل: التعامل مع الماضي يخلق نوعا من الردع. فالتذكر و المطالبة بالمحاسبة كفيلان بالوقاية من وقوع أشياء فظيعة مجددا في المستقبل.
المدخل الثاني:
- · مقومات و مناهج العدالة الانتقالية:
= أولا: المحاكمات: حيث تعتبر هذه الأخيرة من آليات العدالة الانتقالية. و بموجب القانون الدولي، تلتزم كل الدول بالتحقيق في جرائم حقوق الإنسان بعد ارتكابها وفرض عقوبات على المسئولين عنها، والتي تتطلب كحد أقصى الالتزام بالتسليم أو المتابعة وكحد أدنى إلحاق عقوبة غير إدارية لا تتنافى كثيراً مع حجم جريمة حقوق الإنسان المعنية، وبوجه عام تكون المتابعة موجهة بشكل واضح إلى أولئك الأشخاص الذين يتحملون المسئولية الأكبر عن الجرائم. ففي سنة 1993، وفى خطوة غير مسبوقة تحققت بفضل نهاية الحرب الباردة، أنشأ مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة محكمة جنائية دولية ليوغوسلافيا، وهي أول محكمة دولية لجرائم الحرب منذ المحكمتين العسكريتين لنورمبرغ وطوكيو. وجاءت بعد المحكمة الجنائية الدولية ليوغوسلافيا المحكمة الجنائية الدولية لرواندا، لمتابعة مرتكبي أعمال إبادة الأجناس في رواندا في سنة 1994 التي تعرض فيها نحو 800.000 من التوتسي والهوتو المعتدلين للإبادة.
= ثانيا: البحث عن الحقيقة: غالباً ما تعبر المجتمعات التي تعيش مرحلة انتقالية عن رغبتها في فهم مدى وطبيعة العنف أو الانتهاكات التي وقعت أثناء حكم النظام السابق. و ينادي الضحايا والمنظمات غير الحكومية لحقوق الإنسان، من بين أطراف أخرى عديدة، بكشف "الحقيقة" حول الماضي، وذلك عادة كرد فعل للنظام السابق الذي كان يعتمد على الأكاذيب والخداع. وقد ظهرت داخل مجال العدالة الانتقالية، عدة طرق لاستجلاء الحقيقة حول الانتهاكات الماضية لحقوق الإنسان. وأشهر طريقة من بين هذه الطرق هي "لجنة الحقيقة" يقول هيغل : ”وسوف يظل البحث عن الحقيقة يوقظ حماسة الإنسان ونشاطه ما بقي فيه عرق ينبض وروح تشعر…“
= ثالثا: التعويض: فأمام الانتشار الواسع لانتهاكات حقوق الإنسان، أصبح لزاماً على الحكومات ليس فقط التصدي لمرتكبي هذه التجاوزات بل أيضاً ضمان حقوق الضحايا. وبوسع الحكومات تهيئة الظروف الملائمة لصيانة كرامة الضحايا وتحقيق العدل بواسطة التعويض عن بعض ما لحق بهم من الضرر والمعاناة. و ينطوي مفهوم جبر الضرر على معاني عدة من بينها التعويضرد الاعتبار (لمساندة الضحايا معنوياً وفى حياتهم اليومية) والاسترجاع (استعادة ما فقد قدر المستطاع). يمكن التمييز بين التعويضات بحسب النوع (مادية ومعنوية) والفئة المستهدفة ( فردية/ جماعية). ويمكن أن يتم: (عن الضرر أو ضياع الفرص و التعويض عن فقدان عزيز)،
1 = التعويض المادي عن طريق منح أموال أو محفزات مادية، تقديم خدمات مجانية أو تفضيلية كالصحة والتعليم والسكن.
2 = أما التعويض المعنوي فيكون مثلاً عبر إصدار اعتذار رسمي، خلق فضاء عمومي لتخليد ذكرى أو إعلان يوم وطني للذكرى.
و سواء منحت للضحايا تعويضات مادية أو لم تمنح، من المهم أن تؤخذ بعين الاعتبار كذلك عدد من الأشكال الإضافية والهامة من أشكال تعويض الضحايا.
أولا، قد يكون من المهم في بعض السياقات، بالنسبة إلى حكومة جديدة أن تحاول إعادة الحقوق القانونية إلى الضحايا أو ممتلكاتهم. مثل إجراءات مساعدة السكان الذين تم ترحيلهم بالقوة أو الذين سرقت أراضيهم، أو إرجاع حقوق الحرية والمكانة الاجتماعية والجنسية، أو إعادة الإدماج في المناصب السابقة في الوظائف العمومية.
وثانيا، قد يكون كذلك من المهم في بعض السياقات وضع برامج خاصة لإعادة تأهيل الضحايا، بما في ذلك المواساة العاطفية والعلاج البدني أو المساعدة الطبية.
وثالثا، ثمة مجموعة واسعة من الإجراءات الرمزية لجبر الضرر والتي يمكن أن تؤخذ بعين الاعتبار، سواء بالنسبة إلى الضحايا بشكل فردى (مثلا، رسائل شخصية للاعتذار من طرف الحكومات الموالية، أو مراسم دفن ملائمة للضحايا القتلى، الخ ) أو الضحايا بصفة عامة (مثلا الاعتراف الرسمي بما جرى من قمع في الماضي، أو تخصيص فضاء عام وأسماء الشوارع، رعاية العروض الخاصة أو الأعمال الفنية، بناء النصب التذكارية العامة والمآثر والمتاحف الخ )
= رابعا: الإصلاح المؤسسي: والذي يعتبر هنا خطوة مكملة وضرورية للخطوات السابقة (المحاكمات، التعويض)، بغرض ضمان سلامة إنجاح مسيرة الانتقال للمجتمع الديمقراطي. فمن غير المنطقي أن تتم المحاسبة وتعويض الضحايا، مع الإبقاء على ذات تشكيل وأعضاء المؤسسات التي تورطت في ارتكاب الجرائم، فقد يتطلب الأمر إجراء تعديلات هيكلية في بعض المؤسسات ذات الصلة بالانتهاكات، أو تطهير تلك المؤسسات من بعض العناصر التي يثبت تورطهم في ارتكاب الجرائم في النظم السابقة، لضمان عدم تكرار تلك الممارسات مرة أخرى في المستقبل من قِبل الأجهزة الإدارية أو أية أجهزه أخرى في الدولة. وهناك العديد من النماذج الدولية، فيما يتعلق بالإصلاح المؤسسي.
= خامسا: إحياء الذكرى: حيث يمكن أن يتم إحياء الذكرى بشكل رسمي (مثل إقامة نصب تذكاري) أو غير رسمي (مثل بناء جدارية في مجتمع محلى)، رسميا من طرف الدولة أو تلقائياً من طرف المواطنين . ويسعى الناس إلى إحياء ذكرى أحداث الماضي لأسباب عديدة، منها الرغبة في استحضار ذكرى الضحايا و/أو التعرف عليهم، أو تعريف الناس بماضيهم، أو زيادة وعى المجتمع، أو دعم أو تعديل رواية تاريخية أو تشجيع تبني الاحتفال و أيضا عدم تكرار الماضي الأليم.
ويُشكل فهم احتياجات الضحايا وعائلاتهم والناجين من انتهاكات حقوق الإنسان الصارخة أحد العناصر الرئيسية في العدالة الانتقالية. و رغم عدم وجود شكل وحيد لتعامل الضحية مع الماضي، إلا أن الضحايا وجمعياتهم المنظمة كثيراً ما يطالِبون بالعمل على بلوغ عدد من أهداف العدالة الانتقالية، بما في ذلك:
♦ تحقيق العدالة والمحاسبة،
♦ إظهار الحقيقة،
♦ جبر الأضرار،
♦ ضمان عدم تكرار ما جرى.
إضافة إلى كل ذلك، غالباً ما يكون هناك مطلب بالتذكر، فتذكر الماضي يتيح نوعاً من تكريم الذين ماتوا أو تمت التضحية بهم. غير أن آليات التذكر يمكن أن تساهم في بلوغ أهداف أخرى للعدالة الانتقالية، بما في ذلك
♦ البحث عن الحقيقة،
♦ ضمان عدم تكرار الخروقات مستقبلا،
♦ تحفيز الحوار والنقاش حول الماضي،
♦ وضع سجل تاريخي مناسب،
♦الإنصات لأصوات الضحايا، و متابعة الأهداف المرتبطة بجبر أضرار الضحايا والنقاش حول الماضي.
يرجع تاريخ العدالة الانتقالية إلي مرحلة ما بعد الحرب العالمية الثانية ومحاكمات نورمبرغ والقضاء على النازية، وقد توطد مفهوم العدالة الانتقالية فيما بعد وأخذت الشكل الأكثر نضوجا الذي نعرفه اليوم بفضل:
محاكمات حقوق الإنسان في اليونان في أواسط السبعينيات وقد برز هذا النهج في أواخر الثمانينيات ومطلع التسعينيات، وجاء استجابة للتغيرات السياسية في أمريكا اللاتينية وشرق أوروبا، ولارتفاع الأصوات المطالبة بالعدالة في هاتين المنطقتين. والمتابعات ضد الحكم العسكري في الأرجنتين، وجهود تقصي الحقائق في أمريكا الجنوبية؛ كما ساهمت لجان الحقيقة في تشيلي 1990 والأرجنتين 1983 في ترسيخ معني العدالة الانتقالية لضحايا انتهاكات حقوق الإنسان. [1]